أوضح الناشط الاقتصادي مدثر محيي الدين أن كل التقارير الرسمية وغير الرسمية تشير إلى أن السودان يصدر معظم إنتاجه من الذهب إلى الإمارات بنسبة تفوق 90 في المئة من إجمال المنتج، غير أن التقارير ذاتها تشير إلى خطورة منحى الاعتماد على دولة واحدة وعدم التنوع في أسواق الذهب عالمياً، مخافة جعل صادرات الذهب عرضة لتقلبات الطلب أو التغييرات السياسية مستقبلاً.
وأضاف محيي الدين في تصريحات نشرتها جريدة اندبندنت عربية أن “الاعتماد على جهة واحدة يضعف قدرة البلاد التفاوضية في الحصول على شروط وتسهيلات تصدير جيدة أو أسعار معقولة وعادلة، كما أنه يثير شبهات باستخدام هذه الوجهة الوحيدة لبيع الذهب المهرب من خلال ضلوع شركات أو أفراد نافذين في عمليات التهريب، مما يفقد خزينة الدولة مليارات الدولارات سنوياً”.
وأشار محيي الدين إلى أن محاولة الحكومة فرض رقابة على التعدين والسيطرة على الصادرات من خلال إنشاء بورصة للذهب وتشجيع بيعه للبنك المركزي، وسنّ تشريعات صارمة تجرم التهريب، كانت تصطدم بشبكات منظومة الفساد وضعف البنية المؤسسية، أو حتى النفوذ السياسي والاقتصادي لشركات تكاد تكون معلومة حتى لعامة الناس، ناهيك عن السلطات الرسمية.
ورأى الناشط الاقتصادي أنه بمعايير ومنظور المصالح الإقليمية والدولية فإن الذهب السوداني يعتبر مورداً إستراتيجياً لا للسودان وحسب، بل أيضاً للدول التي تستورده وتستخدمه في تعزيز احتياطاتها النقدية، وكوسيلة للضغط أو التأثير الاقتصادي والسياسي في بعض الأحيان.
ويرى محيي الدين أن هيمنة بعض الشركات العسكرية والأمنية على العمل في مجال تعدين الذهب ونقله وتصديره تعتبر من أبرز ملامح تقاطعات الأزمة السياسية والاقتصادية في السودان، نظراً إلى الدور الكبير الذي تلعبه تلك الشركات التابعة للمؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية، وكان بعضها يتبع قوات “الدعم السريع”، إذ تستغل نفوذها للعمل خارج الإطار الرقابي الرسمي ولا تلتزم بتحويل عائدات الصادرات لوزارة المالية أو البنك المركزي، وهو ما يعد فساداً وتهريباً شبه مقنن يسهم في إضعاف اقتصاد الدولة، وإضافة إلى كل ذلك فإن سيطرة تلك الشركات على عمليات الإنتاج والتصدير يعني بصورة أو أخرى أن قدراً غير يسير من الذهب خارج من نطاق الناتج القومي، مما يفوت على خزينة الدولة كماً كبيراً من العملات الصعبة، لتكون المحصلة النهائية زيادة في سعر الدولار مع تضخم وتراجع الثقة في الجهاز المصرفي، وفق محيي الدين.
ويعتقد المتحدث ذاته أن سيطرة الشركات الأمنية والعسكرية على قطاع تعدين الذهب تسهم في تهميش القطاعين الخاص والمدني، وتخلق بيئة طاردة للاستثمار المحلي والأجنبي، نظراً إلى إضعافها منافسة شركات القطاع الخاص لمصلحة شركات تتمتع بالنفوذ والسلاح في هذا القطاع الحيوي، والذي باتت تتجاذبه المصالح العسكرية وتغيب عنه الشفافية.
للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يرجى زيارة الموقع الرسمي بالضغط على الرابط التالي: هنا.