نتائج الشهادة الثانوية السودانية وتأثيرها على نسب القبول للجامعات في السودان

نتائج الشهادة الثانوية السودانية وتأثيرها على نسب القبول للجامعات في السودان


إعداد: وليد محمد المبارك
شهد السودان خلال العامين الدراسيين 2022 و2023 ظروفًا استثنائية فرضتها الحرب الممتدة، وما نتج عنها من نزوح جماعي، وتعطّل شبه كلي للمؤسسات التعليمية، وانهيار للبنية التحتية الأكاديمية. وقد انعكست هذه الأوضاع بشكل مباشر على أداء الطلاب في الشهادة الثانوية، كما هو موضح في تحليل التكرار التراكمي لنسب النجاح، والذي يظهر تراجعًا كبيرًا في مؤشرات التحصيل الأكاديمي.

تحليل البيانات التراكمية لنتائج الشهادة الثانوية (2022–2023)


  1. مؤشرات التراجع:
    -انخفاض حاد في النسب العليا (95%–85%)، حيث فقدت الفئة المتفوقة أكثر من نصف عددها في مختلف المسارات (العلوم الإنسانية، علوم الحاسوب، العلوم الهندسية، وعلوم الأحياء).
    -تراجع مستمر في الشرائح المتوسطة (80%–70%)، مما يشير إلى تدهور شامل في الأداء الأكاديمي.
    -انخفاض الأعداد المطلقة للطلاب الناجحين، خصوصاً في الفئات المؤهلة للقبول بالكليات ذات المنافسة العالية مثل الطب والهندسة.
  2. الأسباب المحتملة للتراجع:
    -الحرب وتأثيراتها المباشرة: تدمير المدارس، تعطيل العام الدراسي، وغياب البيئة التعليمية المستقرة.
    -النزوح واللجوء: انتقال الطلاب إلى مناطق غير مؤهلة تربويًا.
    -توقف العملية التعليمية لفترات ممتدة: أدى إلى فجوة تعليمية حرجة في الفاقد التربوي.
    -تدهور البنية التحتية: من نقص في الكوادر التعليمية والمواد الدراسية.

ثالثاً: تقدير أثر التراجع على القبول الجامعي

تم إعداد ثلاثة سيناريوهات للتعامل مع القبول الجامعي في ظل هذه المتغيرات:

السيناريو الأول: ثبات العدد المخطط للقبول

النتيجة المتوقعة: انخفاض كبير في نسب القبول الدنيا يتراوح بين 5–10 نقاط مئوية.

السبب: تضاؤل عدد الطلاب الحاصلين على درجات عالية مقابل ثبات المقاعد.

أمثلة متوقعة:
-الطب: من 90% إلى 83%
-الهندسة: من 85% إلى 79%
-علوم الحاسوب: من 80% إلى 74%
-العلوم: من 75% إلى 70%
-الآداب: من 70% إلى 66%

السيناريو الثاني: خفض العدد المخطط للقبول بنسبة 25%

النتيجة المتوقعة: انخفاض طفيف في نسب القبول يتراوح بين 3–5 نقاط مئوية.

أثره: تقليص الفجوة بين المقاعد والمتفوقين، مع المحافظة الجزئية على معايير الجودة.

السيناريو الثالث: خفض العدد المخطط بنسبة 50%

النتيجة المتوقعة: الحفاظ شبه الكامل على الحدود الدنيا التقليدية للقبول، مع هبوط طفيف جدًا لا يتجاوز 1–2 نقطة مئوية.

أثره: ضغط أقل على مؤسسات التعليم العالي، وتحقيق توازن مع المعروض الحقيقي من الطلاب المؤهلين.

رابعا : الأبعاد التربوية والتحليل النوعي

اتساع الفجوة الأكاديمية: النظام التعليمي يواجه تحدي المحافظة على جودة المخرجات في ظل تقلص أداء الفئة المتفوقة.

ضغط إضافي على الجامعات: من المتوقع أن تزداد الحاجة إلى برامج دعم أكاديمي وتكميلية للشرائح المتوسطة والدنيا.

خامسا: التوصيات المقترحة

على المدى القصير:
-إطلاق برامج إسعافية لتعويض الفاقد الأكاديمي.
-تنظيم معسكرات دعم تربوي للطلاب المقبلين على التعليم الجامعي.

على المدى المتوسط:
-إعادة تأهيل المؤسسات التعليمية المتضررة.
-إنشاء مدارس بديلة ومراكز مؤقتة للتعليم في مناطق النزوح.

على المدى الطويل:
-مراجعة وتحديث سياسات القبول الجامعي بما يضمن التوازن بين العرض والجودة.
-تطوير مناهج تعليمية مرنة وقابلة للتطبيق في حالات الأزمات.
-تشجيع البحث العلمي لرصد آثار الأزمات على التحصيل الدراسي.

سادسا: الأثر المجتمعي والسياسي لتخفيض القبول

ارتفاع معدلات البطالة وسط خريجي الثانوية.

زيادة الضغط على سوق العمل غير الرسمي.

ضرورة توسيع فرص التعليم البديل (التقني، المهني، والمنح الخارجية).

الخاتمة

تشير نتائج الشهادة الثانوية السودانية للعام 2023 إلى أزمة تربوية حقيقية تتطلب استجابة منهجية وشاملة من الدولة، خصوصاً وزارة التعليم العالي والجامعات. وبناء السياسات على سيناريوهات مدروسة من شأنه أن يضمن استمرارية العملية التعليمية وتحقيق التوازن بين الجودة والاستيعاب، في ظل واقع إنساني وتعليمي صعب فرضته الحرب.


للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يرجى زيارة الموقع الرسمي بالضغط على الرابط التالي: هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *