مجلس السيادة.. “عمدة بلا أطيان” أم خطوة نحو الحكم المدني؟

مجلس السيادة.. “عمدة بلا أطيان” أم خطوة نحو الحكم المدني؟

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بقرارات اعتبرت مفاجئة وصادمة من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة السودانية أولها تعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء ،ثم تلاه قرارا آخر بتعيين عضوين جديدين في مجلس السيادة الانتقالي وهما سلمى عبدالجبار المبارك ونوارة أبو محمد محمد طاهر كممثلات للولايات الوسطى والشرقية في مجلس السيادة.
ولربما استغرب الكثيرين اعادة تعيين سلمى عضوا مجددا لمجلس السيادة عقب الاطاحة بها من قبل
في 5 يوليو 2022 برفقة اعضاء مدنيين اخرين كان قد عينهم في مجلس السيادة عقب الاطاحة بالاعضاء المدنيين من قوى الحرية والتغيير بعد القرارات التصحيحية التي اجراها البرهان في 21 اكتوبر2021 .
واطاح البرهان حينها بسلمى وابوالقاسم برطم ورجاء نيكولا ويوسف جاد كريم وعبدالباقي عبدالقادر ،وابقى حينها البرهان على اعضاء مجلس السيادة من الجماعات المسلحة الموقعين على اتفاق جوبا للسلام وهم مالك عقار والهادي ادريس والطاهر حجر ،إلى جانب الابقاء على قائد المليشيا حميدتي – ولم يكن قد تمرد- كما ابقى على اعضاء المكون العسكري لمجلس السيادة وهم الفريق أول شمس الدين كباشي ،والفريق أول ياسر العطا ،والفريق إبراهيم جابر.
وفي نوفمبر 2023 أقال البرهان عضوي مجلس السيادة الانتقالي السابقين، الهادي إدريس والطاهر حجر اللذين انخرطا ضمن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» واتحذا موقفًا زعما خلاله انه محايدًا من الحرب قبل ان يتحالفا بشكل معلن لاحقا مع مليشيا الدعم السريع ،وعين البرهان بديلا لهما كل من
صلاح الدين آدم تور «رصاص» عن حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بديلاً للهادي إدريس تنفيذًا لاتفاق سلام جوبا ، وفي اغسطس 2024 عين البرهان عبدالله يحيى والذي كان يشغل منصب وزير التنمية العمرانية، و يرأس فصيلًا منشقًا عن تجمع قوى تحرير السودان، عضوًا في مجلس السيادة بديلا للطاهر حجر.
طبخ القرارات:
ويبدو ان البرهان والذي يتسم بالتمهل في اتخاذ القرارات فهو بحسب المقربين منه يبطخ ما يتخذه من قرارات على نار هادئة قد مهد لكل ما قام به من تغييرات وتعديلات وزاراية وتعيينات ، مهد لكل ذلك باجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية مكنته من ادارة شؤون البلاد والغت التعديلات الدستورية والتي نشرتها وزارة العدل في الجريدة الرسمية في 23 فبراير 2025 الغت أي ذكر
لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير وقوات الدعم السريع ،وعدلت الوثيقة ايضا عدد اعضاء مجلس السيادة ليكون 11 عضوا منهم 6 اعضاء يعينهم الجيش بدلا من 4 اعضاء ،بينما ترشح القوى الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام 3 من الاعضاء.
تعديل الوثيقة:
ومنح التعديل على الوثيقة الدستورية مجلس السيادة صلاحيات واسعة، منها تعيين وإعفاء رئيس الوزراء بتوصية من السلطة التشريعية الانتقالية، إضافة إلى تعيين وإعفاء حكام الأقاليم وولاة الولايات.
وأعطى التعديل مجلس السيادة حق تعيين وإعفاء رئيس القضاء ونوابه وأعضاء المحكمة الدستورية بعد ترشيحهم من مجلس القضاء الأعلى، على أن يعينهم مجلس السيادة إلى حين تشكيل مجلس القضاء.
وبحسب التعديل- المنشور بالجريدة الرسمية للدولة- يحق لمجلس السيادة تعيين وإعفاء قائد الجيش بناء على ترشيح وتوصية من هيئة قيادة القوات المسلحة، وتعيين وإعفاء رئيس جهاز المخابرات العامة، فضلا عن تعيين وإعفاء المدير العام للشرطة وهيئة قيادة الشرطة بناء على توصية وزير الداخلية.
ومددت التعديلات الدستورية الفترة الانتقالية إلى 39 شهرًا، تبدأ من 23 فبراير 2025 وهو اليوم الذي نُشرت فيه التعديلات بالجريدة الرسمية، وذلك حال عدم التوصل إلى توافق وطني أو قيام انتخابات جديدة.
وبكل ما سبق من تعديلات على الوثيقة الدستورية تمكن البرهان من تعيين رئيس الوزراء واعضاء جدد لمجلس السيادة ممثلين للاقاليم الوسطي “سلمى” وعضو ممثل للاقليم الشرقي وهي “نوارة ابو محمد”،وسبق تعيين “نوارة” تكهنات بتعيين ممثل للشرق بمجلس السيادة وانحصرت حينها الترشيحات في ناظر الهدندوة محمد الامين ترك والطاهر ابوهاجة مستشار البرهان السابق والملحق العسكري السابق لسفارة السودان في السعودية ،وخالف البرهان التوقعات وربما عبر مشاورة مكونات ورموز الشرق بتعيين نوارة .
إلغاء الاشراف:
ولافساح المجال لرئيس الوزراء الجديد لتكوين حكومته الجديدة وبكامل الصلاحيات اصدر رئيس مجلس السيادة قرارا بالغاء إشراف أعضاء المجلس السيادي على الوزارة الاتحادية والوحدات ،ووجه أعضاء مجلسي السيادة والوزراء والجهات المختصة بوضع القرار موضع التنفيذ.
وبذلك يصبح الطريق ممهد أمام رئيس الوزراء الجديد لاتخاذ ما يراه مناسبا ولتطبيق رؤيته أو رؤية لدولة المتفق عليها للجهاز التنفيذي .
وكان البرهان بعد بداية الحرب قد وضع الوزارات والهيئات الحكومية تحت إشراف قادة الجيش الأعضاء في مجلس السيادة، هم: نائبه في الجيش الفريق أول شمس الدين كباشي، ومساعداه الفريق أول ياسر العطا والفريق إبراهيم جابر، ونائبه في مجلس السيادة، مالك عقار .وكلف البرهان في السابق عقار، بالإشراف على وزارات الطاقة والنفط، والتربية والتعليم، والتنمية الاجتماعية، والتعليم العالي، والصحة، والثقافة والإعلام، والشباب والرياضة والشؤون الدينية والأوقاف.
بينما كلف كباشي بالاشراف على وزارة شؤون مجلس الوزراء، ووزارات الخارجية والداخلية والحكم الاتحادي والمعادن والعدل والري والموارد المائية.وكُلف العطا بالإشراف على وزارات الدفاع والمالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي والنيابة العامة وديوان المراجع العام . أما جابر فكُلف بالإشراف على وزارات الثروة الحيوانية والزراعة والتجارة والتموين والصناعة والاستثمار والتعاون الدولي والاتصالات والنقل.
مهمة شرفية:
ولكل ما سبق يتحول مجلس السيادة لمهمته الاولى وهي مهمة شرفية ليس الا أو بالمسمى العامي “عمدة بلا أطيان” ،ويبدو ان الغريب في ظل الاوضاع الاقتصادية التي يعيشها السودان ،فهل يحتاج السودان لترهل في مجلس السيادة واعباء مالية وإدارية جديدة تضاف اليه بالتعيينات الجديدة،ولعل الثابت ان البرهان شرع عمليا في تنفيذ خارطة الطريق التي اعلنها للعالم وسلمها للأمم المتحدة في مارس 2025 وجدد التاكيد عليها عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر في خطابه الاخير في القمة العربية في بغداد وهو تشكيل حكومة مدنية من كفاءات وابعاد العساكر من الجهاز التنفيذي ،وهو ما سوف يترتب عليه تحولات كبيرة سيجني السودان ثمارها قريبا اهمها فك تجميده بالاتحاد الافريقي والتعامل والعاون ما بينه وبين الاتحاد الاوربي والغرب عموما ،وربما يكون الممهد لانهاء الحرب في السودان عبر الضغط على الداعم الأكبر للمليشيا وهي الإمارات .وسوف تكون الايام القادمة حبلى بالكثير والمثير على الصعيدين الداخلي والخارجي بالنسبة للسودان.

للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يرجى زيارة الموقع الرسمي بالضغط على الرابط التالي: هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *