بهذه الأبيات خلّد الشاعر السوداني الراحل محمد الفيتوري، الملقب بشاعر أفريقيا، انتصار الإنسان كقضية في وجه الحرب وأهوالها. ومع دخول الحرب في السودان عامها الثالث، يفرض الواقع الإنساني الكارثي في البلاد تساؤلًا ملحًّا: كيف استطاع ملايين السودانيين الصمود؟ وكيف أمكنهم تأمين أساسيات الحياة – من رعاية صحية، ومياه شرب، وغذاء، ومأوى – في ظل غياب شبه تام لمؤسسات الدولة وانهيار البنية التحتية منذ الأيام الأولى للصراع؟
وتُعدّ الأزمة السودانية اليوم من أسوأ الكوارث الإنسانية على مستوى العالم، وفق تصنيفات الأمم المتحدة، وسط الغياب الكامل للدعم الحكومي، وتراجع فاعلية المنظمات الدولية في مناطق واسعة من البلاد. وما يزيد من حدة الكارثة أن السودان كان يعاني أصلًا من هشاشة مفرطة في قطاع الخدمات حتى قبل اندلاع الحرب، وذلك ما جعل انهيارها أكثر عنفًا، وزاد من معاناة المواطنين في كفاحهم اليومي للبقاء.
ورغم كل ذلك، أبدع السودانيون طرقًا مبتكرة للصمود والتكيّف مع واقع الحرب، فصاروا يصنعون الحياة من قلب الدمار، ويقيمون شبكات تضامن أهلية أعادت تعريف معنى البقاء الجماعي. وقد جاء ترشيح إحدى أبرز هذه المبادرات المجتمعية، “غرف الطوارئ”، لجائزة نوبل للسلام لعامي 2024 و2025، بمنزلة اعتراف دولي بقوة الصمود السوداني، وبقيمة العمل الجماعي في مواجهة آلة القتل والدمار المستمرة منذ عامين. في المحصلة، تُرك السودانيون وحدهم، يواجهون أهوال حرب لم يختاروها، ولا يعرفون على وجه الدقة من أشعلها أو لماذا، ولا ما الذي يتقاتل عليه المتقاتلون أصلًا، سوى الخراب.
للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يرجى زيارة الموقع الرسمي بالضغط على الرابط التالي: هنا.