التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود)
رؤية سياسية لإنهاء الحروب واستعادة الثورة وتأسيس الدولة
يونيو 2025
مقدمة:
يقف السودان اليوم عند مفترق طرق مصيري، حيث تعصف به حربٌ هي الأكثر تدميراً في تاريخه الحديث، لم تكن وليدة اللحظة، بل امتداد لصراعٍ طويل بين قوى التغيير الديمقراطي، التي تناضل من أجل بناء وطنٍ حرٍ وعادل يعبر عن جميع أقوامه، وبين قوى الاستبداد، التي لم تتوانَ عن توظيف العنف للحفاظ على نفوذها وفرض نموذجها الأحادي قسراً على جميع أهل السودان. إن جذور هذه الحرب عميقة في تاريخنا الوطني ولها أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية تمثلت في أزمة حكم مزمنة، كرست كافة أشكال الإقصاء، وأعادت إنتاج الاستبداد عبر عسكرة الدولة، ونهب الموارد، وإذكاء الصراعات العرقية والجهوية وتعميق الاختلالات الاجتماعية والتنموية، واستخدام التنوع الثقافي والديني كسلاح للفرقة بدلاً من أن يكون مصدراً للقوة. كذلك، لعبت المصالح الاقتصادية دوراً رئيسياً في تأجيج النزاعات، حيث تمركزت الثروات في يد القلة، بينما ظل الفقر والتهميش سمة غالبية المناطق المنتجة، كل ذلك والسودان يقع في محيط إقليمي ودولي مضطرب. تتقاطع فيه المصالح والمطامع مما جعل بلادنا فريسة سهلة لهذه التقاطعات.
عمّق نظام الإنقاذ هذه الأزمة الوطنية خلال عقوده الثلاث العجاف، حوّل الدولة إلى أداة قمعية لخدمة مشروع الإسلام السياسي الفاشي الإرهابي، مستخدماً سياسات التمكين لتصفية مؤسسات الخدمة المدنية والقوات النظامية، وإعادة تشكيلها وفق ولاءات حزبية وأيديولوجية، واستخدم كافة الوسائل بما فيها التعليم كأداة لقهر الشعب السوداني، كما عمد النظام إلى تفكيك الجيش السوداني عبر اختراقه وخلق جيوش موازية له، كما استخدم نظام الإنقاذ الحرب كوسيلة للبقاء، فأجج النزاعات المسلحة في جنوب السودان، ودارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وعمل على تقسيم المجتمع عبر خطاب الكراهية، واستغلال الهويات العرقية والجهوية لخلق بيئة صراعية دائمة. كذلك، أدى الفساد ونهب الموارد إلى انهيار الاقتصاد، مما عمّق الفجوة بين المركز والأطراف، وخلق بيئة من الفوضى والتوتر الدائم. هذه السياسات خلفت أكبر وصمتي عار في جبين نظام الحركة الإسلاموية وهي تقسيم البلاد والإبادة الجماعية في دارفور، ليتركوا خلفهم حطام وطن على طريق الانهيار، ويبذروا وصفة الحرب الحالية التي تعصف بالبلاد.
جاءت ثورة ديسمبر المجيدة كلحظة تاريخية فاصلة لبداية عهدٍ جديد يعالج تركة خراب نظام الإنقاذ، لكن القوى العسكرية والأمنية، التي تربّت في كنف الاستبداد، رفضت الانصياع لإرادة الشعب، واستمرت في تقويض المسار الديمقراطي، فكان انقلاب 25 أكتوبر 2021 هو أولى خطوات السير نحو الحرب الحالية التي اندلعت في أبريل 2023، بين القوات المسلحة والدعم السريع، عقب تزايد الاستقطاب والصراع بينهما لتشعل الحركة الإسلامية شرارتها الأولى لخلق حالة فوضوية تستعيد عبرها هيمنتها على البلاد وتصفي الثورة وقواها وتقايض حرية الناس وكرامتهم بمشروعها الاستبدادي، لذا فإنها لم تدخر جهداً لتأجيج الصراع وقطع كل سبل ايقافها عبر الحلول السلمية التفاوضية.
إن هذه الحرب هي فى جوهرها هي حرب لتصفية ثورة ديسمبر المجيدة وقبرها وقطع الطريق أمام ابتدار مسار تحول مدني ديمقراطي حقيقي، يحقق غايات الثورة في السلام والحرية والعدالة.
لقد فجرت هذه الحرب كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث تحولت المدن إلى ساحات دمار، وأُجبر الملايين على الفرار من ديارهم، بينما يواجه من تبقى في مناطق الصراع الجوع والمرض والموت اليومي. الخرطوم، ودارفور، وكردفان، ومدن أخرى، تحولت إلى أطلال، فيما تتصاعد الانتهاكات الوحشية من قتلٍ ممنهج، واغتصابٍ، وجرائم حرب تُرتكب بلا رادع. انهارت الخدمات الأساسية، وتوقفت عجلة الاقتصاد، وتُرك المواطنون بين مطرقة العنف وسندان الفقر. إنها حرب وجودية تهدد وحدة السودان، وتفتح الباب أمام سيناريوهات أشد خطورة، إذا لم يتم إيقافها بحلٍ سلمي ومستدام، يعالج أسبابها ويضمد آثارها الكارثية التي أصابت البلاد وأهلها.
للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يرجى زيارة الموقع الرسمي بالضغط على الرابط التالي: هنا.