البندول.. درس في الرجولة والغيرة الأصيلة على طريقة الرجال الصالحين

البندول.. درس في الرجولة والغيرة الأصيلة على طريقة الرجال الصالحين


 

بقلم – حسام الدين كرنديس

في زمن باتت فيه الشهرة بابا مفتوحا على التنازلات، والصيت مدخلا لتسويق الذات ولو على حساب المروءة، خرج الفنان الشاب أحمد فتح الله، الشهير بـ(البندول)، بموقف يستحق أن يعلق على جدران الوعي، ويدرس لكل من ظن أن الشهرة تبيح المساس بالقيم.

لم يكن مهرجان زواجه مناسبة صاخبة مختلطة كما اعتدنا من مشاهير هذه الأيام، بل كان مهرجانا للصمت المهذب، ودرسا حيا في الرجولة، والنخوة، والغيرة، والشهامة، والكرم السوداني الأصيل. لقد أدار البندول زفافه بروح صوفية خالصة، بعيدة عن مظاهر التبرج والانكشاف والابتذال، فأثبت أن الرجل يمكن أن يكون فنانا ونجما، وفي ذات الوقت رجلا يغار على عرضه، ويصون حرماته، ويقف على عتبة العادات والتقاليد بسيف من حديد.

لم يظهر البندول زوجته على المسرح كما يفعل كثير من الفنانين الذين يحولون زوجاتهم وأخواتهم وبنات عائلاتهم إلى ديكور زائف أمام عدسات المصورين، في خلط فج بين الحياة الخاصة والاستعراض الإعلامي الرخيص. بل حرص هو وأسرته الكريمة على أن يتم الزواج بنمط محافظ، محترم، يستلهم الروح الصوفية السودانية ذات الحياء والجمال، بعيدا عن أعين العامة وكاميرات الصحافة التي لا ترحم.

إن البندول لم يمنع ظهور نساء أسرته لأنهن أقل جمالا أو حضورا من غيرهن، بل لأنه رجل يدرك معنى (الغيرة)، ويفهم أن كرامة المرأة لا تعرض على الملأ، وأن زينة الأنثى في سترها، لا في تقديمها كجزء من العرض البصري للضيوف والمعجبين. لقد قالها بصمت: (زوجتي ليست مادة للفرجة، وأخواتي لسن مشاعا، ونساء عائلتي لسن سلعا تصفف أمام الكاميرات).

في المقابل، نرى الكثير من المشاهير قد باعوا هذا الحياء بثمن بخس. أصبحت حفلات زفافهم أشبه بصالات عرض أزياء، تنعدم فيها الغيرة وتضيع فيها القيم. صالات تمكن المعازيم من التهام الطعام بنهم، ومشاهدة مفاتن الحاضرات مجانا بلا أدنى حرج، وكأن العرض أصبح مباحا في سبيل (الترند).

لقد ضرب البندول بهذا الموقف الأصيل مثلا حيا للفنان الذي يملك أدوات الشهرة، لكنه لم يتخل عن رجولته، بل جعل من حفل زواجه بيانا عمليا في الأخلاق السودانية الرفيعة التي تسكن القرى والحلال، وتعيش في دم كل من شب على الشرف وحب الستر.

إننا بحاجة في هذا الزمن الرديء إلى من يذكرنا أن النخوة ليست شعارا قبليا، بل سلوك يومي. أن الرجولة ليست صخب صوت، بل صمت يحمل الموقف أن الغيرة ليست تخلفا، بل كرامة. و(البندول) فعل ذلك ببساطة، ومن دون ادعاء.

شكرا يا بندول، فقد قدمت رسالة فنية واجتماعية غابت عن معظم نجوم اليوم. وشكرا لعائلتك التي ساندتك بهذا الرقي، وبارك الله في هذا الزواج المحترم، وجعله بيت مال وعيال، وذخرا في ميزانك كفنان يحمل في قلبه الصدق، وفي سلوكه شهامة الرجال.

فهل يتعلم البقية؟

ظهرت المقالة البندول.. درس في الرجولة والغيرة الأصيلة على طريقة الرجال الصالحين أولاً على سودان إكسبريس.



للاطلاع على المزيد من التفاصيل، يرجى زيارة الموقع الرسمي بالضغط على الرابط التالي: هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *